الرئيسية

الدليل الفقهى

الدليل الفقهى

يقدم الدليل الفقهي في تطبيق “نسك اكادمي” مرجعًا موثوقًا لكل الأحكام الشرعية المتعلقة بالحج والعمرة، مما يساعدك على أداء المناسك وفق تعاليم الإسلام الصحيحة. ستجد فيه شرحًا مفصلًا للخطوات، الأدعية، والمحظورات، مدعومًا بالأدلة من القرآن والسنة، لضمان أداء شعائرك بكل طمأنينة ويقين.

أصول المناسك وأحكامها

أولاً: أركان الحج:

للحج أربعة أركان هي: الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، فلا يصح إلا بهذه الأركان. الإحرام يعني أن تبدأ نية الحج أو العمرة بشكل رسمي. لا يكفي أن تكون النية في قلبك فقط، بل يجب أن ترافقها أفعال تدل عليها، مثل:

الركن الأول

1-الاحرام

الإحرام من الميقات:

الميقات هو المكان الذي يجب أن تبدأ منه نية الإحرام، النبي صلى الله عليه وسلم حدد مواقع معينة لكل من يرغب في الحج، مثل: "ذو الحليفة" لأهل المدينة. "الجحفة" لأهل الشام. "قرن المنازل" لأهل نجد. "يلملم" لأهل اليمن.

ارتداء ملابس الإحرام:

الرجال :قطعتان من القماش الأبيض غير المخيط. النساء: ملابس عادية مع الالتزام باللباس الشرعي. هذه الخطوات تُظهر تعظيم البيت الحرام والاستعداد لبدء رحلة الحج. ففي الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس». والمخيط هو: كل ما يخاط على قدر الملبوس عليه كالقميص والسراويل ليبعد عن الترفه، ويتصف بصفة الخاشع الذليل، وليتذكر أنه محرم في كل وقت، وليتذكر الموت ولباس الأكفان، ويتذكر به يوم البعث يوم القيامة والناس حفاة عراة.

وأما سنن الإحرام فمنها:

الاغتسال ولو لنفساء أو حائض: لأن أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر رضي الله عنه وضعت وهي تريد الحج فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم «بالاغتسال»، وأمر عائشة رضي الله عنها «أن تغتسل لإهلال الحج وهي حائض» متفق عليه. ومنها التطيب في بدنه؛ لقول عائشة: "كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت". ومنها تكرار التلبية وتجديدها كلما تجددت حال: لخبر سهل بن سعد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يلبي إلا لبى من على يمينه أو شماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا» ومنها التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال كما ترجم لذلك البخاري رحمه الله بقوله: "باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة"، ثم ذكر حديث أنس وفيه: «ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوت به على البيداء حمد الله وسبح وكبر، ثم أهل بحج وعمرة»

فهذه السنن لو تركها المحرم لم يجب عليه فيها دم، ولكن يفوته بتركها أجر كثير وثواب جزيل.

الركن الثانى

2 - الوقوف بعرفة

الوقوف بعرفة هو أهم خطوة في الحج، ويكون في يوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة). هذا اليوم يُعتبر فرصة عظيمة للدعاء والاستغفار وطلب الرحمة من الله.​
ماذا تفعل في عرفة؟

الوقوف بعرفة يعني أن يكون الحاج حاضراً في منطقة عرفة، وهو شرط أساسي لصحة الحج.

متى يبدأ الوقوف؟
يبدأ الوقوف من وقت زوال الشمس (الظهر) في يوم عرفة ويستمر حتى فجر يوم النحر (اليوم التالي). إذا وقفت في أي وقت من هذه الفترة، فقد أتممت الركن.

ماذا تفعل في عرفة؟
ماذا تفعل في عرفة؟ الإكثار من الدعاء والذكر. قراءة الأدعية البسيطة مثل: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير." طلب المغفرة والرحمة من الله.

الركن الثالث

3- طواف

طواف الإفاضة هو أحد أركان الحج الأساسية، ويُعرف أيضاً بطواف الحج. يتمثل في الدوران حول الكعبة سبع مرات بنية التقرب إلى الله.​

متى تقوم بطواف الإفاضة؟
يمكنك البدء بالطواف بعد منتصف ليلة النحر (ليلة العيد) مباشرة.
من الأفضل أن تؤديه في يوم العيد (اليوم العاشر من ذي الحجة) بعد المبيت في مزدلفة.
إذا لم تتمكن من أدائه في يوم العيد، يمكنك تأجيله حتى أيام التشريق أو حتى مغادرتك مكة.
شروط الطواف:
الأول
: النية عند الشروع في الطواف؛ إذ الأعمال بالنيات فكان لابد للطائف من نية طواف، وهي عزم القلب على الطواف تعبداً لله تعالى وطاعة له عز وجل.
الثاني: الطهارة من الحدث والخبث.
الثالث: ستر العورة لحديث: «ولا يطوف بالبيت عريان».
الرابع: أن يكون البيت على يسار الطائف لحديث جابر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً».
الخامس: أن يكون الطواف سبعة أشواط، وأن يبدأ بالحجر الأسود بأن يقف مقابل الحجر الأسود بكله فيستقبله استقبالا في أول مرة، وبعد ذلك كلما أتى عليه استقبله بوجهه، فيكون تفسيراً لمجمل قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
سنن الطواف:
الأول
: يستحب إذا رأى الحاج البيت أن يرفع يديه كرفع يديه للدعاء ويقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام حَيِّنَا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تعظيماً وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا، وزد مَنْ عَظَّمَه وشَرَّفَه ممن حجه واعتمره تعظيماً وتشريفاً وتكريماً ومهابة وبراً»
الثاني: الاضطباع: والاضطباع هو كشف الضبع، أي الكتف اليمنى، ولا يسن إلا في طواف القدوم خاصة، وللرجال دون النساء، ويكون في الأشواط السبعة عامة، وقال بعضهم: مع الرمل فقط.
الثالث: تقبيل الحجر الأسود إن أمكن، وإلا اكتفى باستلامه بيده أو الإشارة بيده اليمنى عند تعذر ذلك، ولا يرفع يديه كما يكبر للصلاة.
الرابع: قول: «بسم الله والله أكبر» عند ابتداء الطواف، أي بسم الله أطوف، والله أكبر من كل شيء، وقال بعضهم: يقول: «لا إله إلا الله والله أكبر».
الخامس: الرمل، والرمل مثل الهرولة وهو مسارعة المشي مع تقارب الخطى.
السادس: أثناء الطواف، يُستحب أن تذكر الله كثيراً، وتدعو بما يتيسر لك من الأدعية. لا توجد أدعية محددة يجب الالتزام بها، لكن من السنة أن تختم كل شوط بين الركن اليماني والحجر الأسود بالدعاء:
“ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.”
السابع: أثناء الطواف، يجب أن تكون هادئاً وخاشعاً، بقلب حاضر ومليء بالإيمان، احرص على أن تظهر الأدب في كل شيء: في نظراتك، وحركاتك، وسلوكك، تذكّر أن الطواف يشبه الصلاة، لذلك تعامل معه بنفس الاحترام والخشوع، واستشعر في قلبك عظمة الكعبة ومنزلة هذا المكان المقدس.
الثامن: بعد الانتهاء من الطواف، يُستحب أن تصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم إذا كان ذلك ممكناً. وإن لم تتمكن بسبب الزحام، يمكنك الصلاة في أي مكان داخل الحرم. في هذه الركعتين، يُفضل قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة، ثم قراءة سورة الكافرون في الأولى وسورة الإخلاص في الثانية، استناداً إلى قوله تعالى: “وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى”.

الركن الرابع

4- السعي

وهو السعي بين الصفا والمروة بنية التعبد؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 158]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى رضي الله عنه: «طف بالبيت وبالصفا والمروة».

شروط السعي:
الأول: الأول: النية لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات».
الثاني: يجب على الساعي بين الصفا والمروة أن يكمل سبعة أشواط كاملة، كل مرة تذهب فيها من الصفا إلى المروة تُحسب شوطاً، والعودة من المروة إلى الصفا تُحسب شوطاً آخر، إذا لم يكمل الساعي سبعة أشواط كاملة، فإن السعي لا يُعتبر صحيحاً، لأن صحة السعي تعتمد على إتمام جميع الأشواط.
الثالث: يجب أن يتم السعي بين الصفا والمروة بعد أداء طواف صحيح، يمكن أن يكون هذا الطواف طوافاً أساسياً مثل طواف الإفاضة، أو طوافاً مستحباً مثل طواف القدوم. سنن السعي:
الأول: يُفضل أن يكون السعي متصلاً بالطواف مباشرة دون تأخير، إلا إذا كان هناك عذر شرعي يبرر الفصل بينهما.
الثاني: الوقوف على الصفا والمروة للدعاء فوقهما ويكبر ثلاثاً.
الثالث: الخبب، وهو سرعة المشي بين الميلين الأخضرين على حافتي الوادي القديم الذي خبت فيه هاجر أم إسماعيل عليهما السلام.
الرابع: يُستحب للساعي أن يتذكر أثناء السعي حاجته إلى الله، ويشعر بالتواضع والافتقار إليه، ويطلب منه الهداية والتوفيق.
الخامس: الإكثار من الذكر والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

الركن الخامس

5- اركان العمره

للعمرة ثلاثة أركان وهي: الإحرام، والطواف، والسعي، وأحكامها على النحو الذي تقدَّم في الحج من حيث الشروط والواجبات والسنن

الركن السادس

6-واجبات الحج

وهو السعي بين الصفا والمروة بنية التعبد؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 158]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى رضي الله عنه: «طف بالبيت وبالصفا والمروة».

الواجبات في الحج سبعة:
الأول: الإحرام من الميقات؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن المواقيت، وقال: «هن لهن، ولكل آت أتى عليهن من غيرهم ممن أراد الحج والعمرة، فمن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة».
الثاني: الحلق أو التقصير عند انتهاء الحج أو العمرة، يُطلب من الحاج أو المعتمر حلق رأسه أو تقصير شعره. هذا العمل مُستند إلى قوله تعالى "لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ" [الفتح: 27. كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر للمحلقين." وكررها ثلاث مرات، ثم قال: "وللمقصرين" وهذا يدل على فضل الحلق، مع أن التقصير جائز أيضاً.
الثالث: الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف بها نهاراً؛ لحديث جابر «فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص »
الرابع: المبيت بمزدلفة: الوقوف بمزدلفة بعد مغادرة عرفة واجب في الحج. يُقصد به البقاء هناك حتى الفجر، كما قال الله تعالى "فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ" }البقرة: 198 { النبي صلى الله عليه وسلم بات في مزدلفة حتى الصباح، لكنه سمح للنساء والأطفال وغيرهم من الضعفاء بمغادرتها إلى منى خلال الليل. إذا لم يقف الحاج بمزدلفة حتى الفجر دون عذر، يجب عليه تقديم فدية (ذبح شاة)، لكن حجه يظل صحيحاً.
الخامس: رمي جمرة العقبة يوم النحر قبل الزوال وبعده، ورمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق بعد الزوال؛ لحديث جابر قال: «رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس»
السادس: المبيت بمنى في أيام التشريق، يمكن للحاج أن يقضي ثلاث ليالٍ في منى إذا كان متأخراً، أو ليلتين فقط إذا كان متعجلاً، وذلك استناداً لقوله تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى" }البقرة: 203{. النبي صلى الله عليه وسلم بات في منى خلال ليالي التشريق الثلاث، وغادر في اليوم الثالث عشر بعد أن رمى الجمرات. كما سمح النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الحجاج، مثل السقاة والرعاة، بترك المبيت في منى لظروفهم الخاصة.
السابع: طواف الوداع الذي يُعرف أيضاً بطواف الصدر أو طواف الخروج، هو واجب على الحاج عند مغادرته مكة. يجب أن يكون آخر ما يفعله الحاج قبل مغادرة المدينة. إذا نسي الحاج طواف الوداع: إذا تذكر قبل أن يبتعد عن مكة بمسافة طويلة (مسافة القصر)، فعليه أن يعود ويطوف، ولا شيء عليه. إذا تجاوز مسافة القصر، يجب عليه تقديم فدية (ذبح شاة). استثناء: الحائض ليست مُلزمة بطواف الوداع، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

الفرق بين الأركان والواجبات والسنن في الحج والعمرة:

الأركان في الحج والعمرة هي الأجزاء الأساسية التي لا يمكن أن تكتمل العبادة بدونها، فمن ترك أحدها، سواء بعذر أو بغير عذر، لم يصح حجه أو عمرته ويجب عليه أداؤها، أما الواجبات فهي الأمور التي يجب القيام بها، ولكن إذا تُركت بعذر لا تبطل الحج أو العمرة، ويكفي تقديم فدية لتعويضها، أما السنن فهي أعمال مستحبة تزيد من ثواب الحج والعمرة، ويُثاب من يلتزم بها، لكن لا يأثم من تركها، فهي اختيارية وليست شرطاً لصحة العبادة.

أنواع النسك:

مناسك الحج تتنوع إلى ثلاثة أنواع، ويختار الحاج منها ما يناسبه:

الإفراد
يعني أن ينوي الحاج أداء الحج فقط، وبعد الانتهاء منه يمكنه أداء العمرة إذا أراد. سُمي بالإفراد لأنه يقتصر على الحج وحده
التمتع
يبدأ الحاج بأداء العمرة في أشهر الحج، ثم يتحلل منها ويعيش حياته بشكل طبيعي حتى يحين وقت الحج، فيحرم من جديد ويؤدي مناسك الحج. سُمي بالتمتع لأنه يتيح للحاج الاستمتاع بفترة من الراحة بين العمرة والحج
القران
يجمع الحاج بين نية الحج والعمرة معاً في وقت واحد، حيث يبدأ بالإحرام للعمرة ثم يدخل الحج عليها قبل طواف العمرة. سُمي بالقران لأنه يقرن بين المناسك والمكلف مخير بين هذه الأنساك الثلاثة، فإن شاء تمتع بعمرة إلى الحج وإن شاء قرن بين العمرة والحج، وإن شاء أفرد الحج في نُسكه، وقد دل على ذلك دليلان: الأول: الخبر، وذلك ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة، فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة، فليهل.

محظورات الإحرام وكيفية التعامل معها :

محظورات الإحرام هي الأمور التي يُمنع الحاج أو المعتمر من فعلها بعد الدخول في الإحرام، وهي تسعة:

الأول أخذ الشعر يُمنع المحرم من إزالة أي شعر من جسده، سواء كان من الرأس، أو الشارب، أو الإبط، أو أي مكان آخر. هذا استناداً إلى قول الله تعالى: "وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ" [البقرة 196]. إزالة الشعر تُعتبر من مظاهر الترف، وهو ما يجب تجنبه أثناء الإحرام.

الثاني: تقليم الأظفار يُمنع المحرم من قص أظفاره أثناء الإحرام، قال العلماء: "اتفق الجميع على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره." وأشار ابن كثير في تفسير قوله تعالى: "ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ" [الحج 29] إلى أن معنى ذلك يشمل إزالة مظاهر الإحرام، مثل حلق الرأس، ولبس الثياب، وقص الأظفار.

الثالث: الطيب، الطيب هو كل ما له رائحة طيبة، سواء كان قليلاً أو كثيراً، قوي الرائحة أو خفيفها. يُمنع المحرم من استخدام الطيب على جسمه أو ثيابه أثناء الإحرام
. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس." وفي حديث آخر، جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متطيب ويرتدي جبة، فسأله عن حكم ذلك أثناء الإحرام. فأجابه النبي: "اغسل الطيب عنك ثلاث مرات، وانزع الجبة، ثم أكمل عمرتك كما تفعل في حجك."
وهذه الأحاديث تدل على أن المحرم لا يستعمل الطيب في حال إحرامه؛ لأنه من الترفه، وله قبل الإحرام أن يستعمل الطيب في بدنه دون لباسه ولا يضره بقاء ذلك بعد إحرامه؛ وهذا مما يدخل تحت قاعدة: يجوز في الاستدامة ما لا يجوز في الابتداء، والطيب يُخالف حقيقة النسك، من الابتعاد عن الرفاهية والابتعاد عن ما يُهيج الغرائز والشهوات؛ لأن شم الطيب قد يُزكي روح الشهوة عند مُستعمله وعند شامه.

الرابع: تغطية المحرم رأسه ووجهه بملاصق؛ ؛ لحديث ابن عمر فيما يُمنع منه المحرم من اللباس، وفيه: «لا يلبس القمص ولا العمائم»، وحديث ابن عباس في الذي أوقصته ناقته وهو محرم قال: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه ولا وجهه؛ فإنه يُبعث يوم القيامة ملبياً».

الخامس: لبس المخيط للرجال: يُمنع على الرجل المحرم أثناء الإحرام ارتداء الملابس المخيطة التي تُفصل على شكل الجسم، مثل القمصان، السراويل، الجوارب، أو الأحذية المغطاة بالكامل. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس ."
ومع ذلك، يُسمح للمحرم باستخدام أدوات مثل الحزام أو عقد أطراف الإزار لتثبيته، حتى لو كانت مخيطة. كما يمكن ارتداء الإزار والرداء ولو كان بهما خياطة على الحواف، لأن المنع يشمل فقط الملابس التي تفصل على هيئة الجسم.
في حالة عدم وجود إزار ورداء: إذا لم يكن مع المحرم إزار أو رداء عند الميقات، يمكنه أن يستخدم ثوباً عادياً كإزار أو سراويل لحين العثور على الإزار والرداء.
لبس المرأة: يجوز للمرأة أن ترتدي الملابس المخيطة، لكن يُمنع عليها ارتداء النقاب والقفازات أثناء الإحرام. وهذه المحظورات الخمسة من فعل شيئاً منها جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، وعلى الجاهل إذا عَلِمَ والناسي إذا ذكَر إزالة اللباس وغطاء الرأس والطيب، ومن فعلها متعمّداً من غير حاجة أثم وعليه الفدية، ومن فعلها لحاجة فعليه الفدية ولا إثم عليه إلا أن الطيب لا حاجة إلى فعله، والفدية في هذه المحظورات ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام، وهي على التخيير في هذه الثلاثة؛ لقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: 196]، وهذا الإجمال في الفدية بيَّنته السنّة في حديث كعب بن عجرة إذ آذاه هوام رأسه، فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بحلقه وذبح شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو صيام ثلاثة أيام.

السادس: قتل صيد البر؛يُحرم على المحرم أثناء الإحرام صيد البر أو المساعدة في قتله بأي شكل، سواء بالإشارة إليه أو بتوجيه غير المحرم إليه. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ" [المائدة 95] وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً" [المائدة 96]
كما دلَّ الحديث الشريف على ذلك، حيث وقع أن أبا قتادة رضي الله عنه (وهو غير محرم) اصطاد حمار وحش أثناء سفره مع بعض الصحابة المحرمين، وعندما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلهم من الصيد، قال: "أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟" قالوا: "لا"، فقال: "فكلوا ما بقي من لحمها." هذا يُبين أن المحرم لا يجوز له قتل الصيد أو المشاركة في ذلك بأي شكل، لكن يُسمح له بالأكل منه إذا لم يكن مشاركاً في الصيد.
وقد وضح الله في القرآن جزاء من قتل صيد البر عمداً، في قوله تعالى: "وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ" [المائدة 95].
من قتل صيداً وله ما يشبهه من بهيمة الأنعام، عليه أن يختار بين ثلاثة أمور: - ذبح مثل الصيد في الحرم وتوزيعه على الفقراء دون أن يأكل منه.
- تقييم قيمة الصيد بالطعام، ودفع نصف صاع لكل مسكين.
- صيام عدد من الأيام يساوي عدد المساكين الذين يستحقون الطعام.
أما إذا لم يكن للصيد ما يشبهه، فيُخيّر بين الإطعام والصيام بنفس الطريقة المذكورة. وأما صيد الحرم فهو حرام على المحرم وغير المحرم بل يحرم تنفيره، وكذلك قطع شجره الذي أنبته الله ولم يغرسه الناس؛ لحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرّم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أُحلَّت لي ساعةً من نهار، لا يُختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا يُنفَّر صيدها، ولا تُلتقَط لقطتها إلاّ لمعرِّف».
وكذا حَرَم المدينة؛ لحديث جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن إبراهيم حرَّم مكة، وإنّي حرَّمت المدينة ما بين لابتَيها: لا يُقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها».

السابع: عقد النكاح سواء كان العاقد زوجاً أو ولياً، وكذا الخطبة؛ لحديث عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينكح المحرم ولا يُنكِح ولا يخطب» وإذا وقع العقد من محرم لم يصح وهو نكاح شبهة، وإذا أُريد استمرار النكاح يجدد العقد.

الثامن والتاسع: الجماع والمباشرة؛ يُحرم على المحرم الجماع والمباشرة أثناء الإحرام، استناداً إلى قوله تعالى: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ" [البقرة 197]. يدخل في معنى "الرفث" الاستمتاع بالنساء، سواء كان بالجماع أو المباشرة فيما دونه، كما يشمل الفحش في القول والفعل. أما "الفسوق" فهو جميع المعاصي، و"الجدال" الممنوع هو الذي يكون بالباطل أو يؤدي إلى العداوة والبغضاء. الجدال بالحسنى لإظهار الحق مسموح بل مأمور به، كما قال الله تعالى: ما يلزم عند الجماع: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نص صريح يحدد ما يجب على من جامع أو باشر وهو محرم، لكن وردت آثار عن الصحابة، منها أن من جامع أثناء الحج يبطل حجه، ويُكمل المناسك كما يفعل الناس، ثم يؤدي الحج في العام التالي ويقدم فدية (ذبح شاة). الجماع في العمرة
إذا حدث الجماع قبل السعي أو الطواف، فسدت العمرة، ويجب إتمامها وإعادة عمرة جديدة مع تقديم فدية (شاة توزع على فقراء الحرم).
إذا حدث الجماع بعد السعي وقبل الحلق أو التقصير، لا تفسد العمرة، لكن عليه فدية (شاة)
. إذا حدثت مباشرة دون جماع وأدت إلى إنزال، لا يفسد الحج، ولكن عليه فدية.

Scroll to Top
Open chat
✨ مرحبًا بك في موقع نسك أكاديمي! ✨

نحن هنا لخدمتك والرد على جميع استفساراتك بكل سرور. لا تتردد في التواصل معنا، فنحن في انتظارك! 😊📩